عاين مثقفون في الفكر العربي الحديث والمعاصر، طرح رؤية جديدة في ظل المستجدات الراهنة في المنطقة العربية.
جاء ذلك خلال ندوة حوارية نظمها مساء أمس السبت منتدى الفكر العربي والمركز العربي للأبحاث بعنوان "رؤية للفكر العربي الحديث والمعاصر"، وأدارها عضو المنتدى الدكتور إبراهيم بدران، وشارك فيها رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين الناقد علي حسن الفواز، والأمين العام لاتحاد الكتاب اللبنانيين الأكاديمي والكاتب الدكتور أحمد النزال.
واستعرض الفواز في الحوارية التي حضرها أمين عام المنتدى الدكتور صادق الفقيه، ومثقفون وأكاديميون، أطوار حركات الإصلاح العربي وتنويعاتها الفكرية في نهاية القرن التاسع عشر لغاية بداية القرن العشرين، لافتا إلى أنه رغم تأثر رواد هذه الحركات بالغرب، إلا أن السؤال (لماذا تقدم الغرب وتأخرنا نحن العرب) الذي انطلق في تلك الحقبة بقي جدليا على الرغم من تغير المعطيات والظروف.
ولفت إلى أن السؤال بدأ أكثر خطورة بعد حرب 1967 ومن ثم حربي الخليج الأولى والثانية، وما اصطلح على تسميته بـ"الربيع العربي" وتداعيات كل ما سبق وصولا إلى الحرب التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة وأهلها الآن.
وتطرق الفواز إلى التمظهرات الثقافية والأدبية التي نشأت ورافقت تلك المراحل كونها كناية عن الرفض والاحتجاج، وأصبحت اللغة القلعة الداخلية لممارسة الاحتجاج على ما يجري.
وأشار الى ما تشهده بعض الدول العربية من حالة تشظي نتيجة تداعيات "الربيع العربي" الذي وصفه بأنه كان شتاء ولم يكن ربيعا.
ورأى أنه بعد السابع من تشرين الأول ثمة حالة من التفجر الرمزي في المتخيل العربي، حينما تنجح المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وما نتج عنها من تجليات، مثلما كشفت عن حقيقة الغرب "الذي كشر عن أنيابه" بحسب وصفه.
وخلص الفواز في ختام قراءته أن على العرب إيجاد آلية للحوار فيما بينهم وإعادة النظر بكل المفاهيم السابقة وتبني خطاب سياسي يرمم العقل العربي، مؤكدا أن هذه المرحلة تحتاج إلى مثقف واع لاستنباط رؤية جديدة.
بدوره قال النزال إن الأزمة اليوم هي أزمة مركبة، جانب منها يتطلب توصيف واقعنا العربي، وعلينا من خلال الجانب الأخر بناء مرحلة جديدة من الفكر العربي تتيح الإجابة على مختلف الأسئلة المطروحة حول الراهن العربي.
واستعرض، الأفكار والتيارات الفكرية والسياسية التي طرحت رؤاها في الماضي القريب، مشيرا إلى أن المثقف والكاتب العربي ليس مؤثرا في المحيط الذي يعيش فيه، ومفصولا عن السياسة والفكر العربي، يعيش أزمة الانفلات عن الواقع الذي يتواجد فيه.
وأكد أن سياسة ومفاهيم التنمية الشاملة ينبغي أن لا تنحصر في موضوعات الاقتصاد، ومن الضروري أن تكون للثقافة والفكر دور محوري ورئيس فيها، لافتا إلى أنه ينبغي أن ننتقل من مرحلة النشاط الثقافي إلى مرحلة الإنماء الحقيقي الذي من شأنه أن يؤسس لجيل كامل يمكن أن ينهض بمجتمعه.
واستعرض في ختام قراءته للراهن العربي، خصوصية الجغرافية السياسية للمنطقة العربية وما تمتلكه من موارد وثروات طبيعية وأهمية دينية وجغرافية مما يجعلها مطمعا لمختلف الدول الكبرى للهيمنة عليها.
--(بترا)