حاولت زمرة مغامرة من العسكر التركي سرقة السلطة الشرعية متسترين بظلام الليل كاللصوص، وحركوا بعض القطعات من ثكناتها العسكرية بخداعهم أن هناك قوى إرهابية تريد الهجوم على العاصمة أنقرة وإسطنبول، وتوجهت هذه المجاميع العسكرية مخدوعة إلى رئاسة الاركان العامة والقصر الجمهوري واحتجزوا كل الضباط والموظفين المدنيين، وهنا تبين الغرض الخائن للأمانة الوطنية للعساكر من المرتبات الصغرى تجاه الضباط المنشقين عن الشرعية الوطنية المنتخبة من الشعب التركي والممثلة بالرئيس أردوغان وحكومته، والمنبثقة من منحها الثقة برلمانياً وتميزت بصورة فعلية وناجحة معالجة رئيس الوزراء بن علي يلدرم الحكيمة، بما تضمنه خطابه الموجه للشعب ومناداته له بالوقوف أمام هذه الحركة العسكرية الخائنة لأمانة الشعب والوطن باستخدام سلاح الدولة بوجه الشعب وأمنه وسلامته الوطنية ودعوته للمواطنين بالنزول للميادين والشوارع في كل المدن التركية للتعبير عن رفضهم للحركة الانقلابية، والتي جاءت لخيانة الأمة والوطن والتصدي لها لخروجها عن الشرعية المنتخبة.

وحاول الانقلابيون أتباع جماعة فتح الله كولن استخدام القوة الجوية بطلعات من المقاتلات الحربية للتخويف وإعلان قوة الحركة، إلا أن وطنية الضباط في الدفاع الجوي اعترضوا هذه الطلعات وأسقطوا إحدى المقاتلات من صنف إف16.

لقد أثبتت الكتل السياسية التركية وطنيتها باتحادها في الساعات الحاسمة والمحددة لمستقبل الوطن الكبير تركيا، وتوحدت أصوات المعارضة والحزب الحاكم فأعلن من الساعات الأولى زعيم حزب الحركة الوطنية البروفيسور دولت باقجلي تأييده للحكومة باتخاذ الاجراءات الشجاعة لإفشال هذه الحركة الجنونية ومعارضته للانقلابين ودعوة الشعب بصدها بصدورهم حفاظاً على أمن وسلامة الوطن التركي وشاركه رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض بوطنية عالية بإعلانه تأييد شرعية الرئيس أردوغان والتمسك بالنظام البرلماني الحاكم للدولة التركية ومصدر السلطات ودعا منسوبي حزب الشعب الجمهوري للنزول للشارع والدفاع عن مكاسب النظام البرلماني الانتخابي في تركيا وصد الخطر المتمثل بخروج عساكر مغرر بها لتخريب النظام العام وسرقة السلطة بصورة قسرية وبالقوة المسلحة من الشرعية الوطنية، وكان لهذا التلاحم الوطني لكل الكتل والأحزاب السياسية الوطنية حول الشرعية والدفاع بقوة عن المصلحة العليا للوطن التركي، كل هذا التوحد السياسي عزل الحركة العسكرية بدون تأييد شعبي وسياسي. مما أثار في نفوس بعض العساكر المخدوعين بوعود مغرية من الضباط الانقلابيين وحرك هذا العزل والرفض الشعبي الشعور بالخيانة ومعاداة الوطن، وأدى إلى تراجعهم وتسليم أسلحتهم للجماهير الغاضبة والانخراط بصفوف شعبهم المتصدي لهذه الحركة الخائنة للأمانة الوطنية.. حركة العصيان العسكرية التي عاشتها تركيا لليلة واحدة صعبة فارقة بين الفوضى والمصادمات الدموية طرفاها التمرد على الشرعية والشعب الأعزل القوي بحبه لوطنه وأمته الذي يفتدي وطنه بأغلى ما يملك روحه ودمه للدفاع عن مكتسبات دولته وأمنها القومي وأثبتت وطنية الشعب التركي بأنها أقوى من الدبابة العسكرية وتآمر أعداء الوطن ولصوص السلطة، وبهذا الحب العالي للوطن وبساعات معدودة أعاد سفينة الشرعية ونصرها وأوصلها إلى ساحل الأمن والأمان بكل شجاعة وقوة مؤيداً رمزه الوطني الرئيس أردوغان وحكومته الوطنية، وستكون هذه الساعات العسيرة والصعبة مناراً لرؤيا مستقبلية جديدة للسياسية التركية إقليمياً ودولياً... حفظ الله شعب تركيا الشقيق من جنون الإرهاب ومغامرة الانقلابيين.